وداعًا زغلول النجار.. صوت العلم والإيمان الذي صدح باسم القرآن
فقدت الأمة العربية والإسلامية اليوم أحد أبرز علمائها ودعاتها، بوفاة العالم الجليل الدكتور زغلول بن راغب محمد النجار، عن عمر ناهز 92 عامًا، بعد رحلة علمية ودعوية امتدت لأكثر من سبعة عقود، جاب خلالها أنحاء العالم محاضرًا ومدافعًا عن الإسلام، ومبشرًا بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
من هو الدكتور زغلول النجار؟
وُلد الدكتور زغلول النجار في قرية مشال التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية يوم الجمعة 29 رجب 1352هـ، الموافق 17 نوفمبر 1933م، ونشأ في أسرة مسلمة محافظة؛ فكان جده إمام القرية ووالده من حفظة كتاب الله، وقد أتم حفظ القرآن الكريم في طفولته، قبل أن ينتقل إلى القاهرة لمواصلة دراسته.
تفوق دراسي مبكر
أظهر النجار نبوغًا مبكرًا في دراسته، حيث التحق بمدرسة شبرا الثانوية عام 1946، وكان من أوائل المتفوقين على مستوى الجمهورية، قبل أن يلتحق بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ويتخرج فيها عام 1955 حاصلًا على درجة البكالوريوس في علوم الجيولوجيا بمرتبة الشرف، وكان أول دفعته، ليُمنح جائزة “بركة لعلوم الأرض”.
محطات علمية وأكاديمية بارزة
حصل الدكتور زغلول النجار على درجة الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز بالمملكة المتحدة عام 1963، كما منحته الجامعة زمالتها العلمية تقديرًا لأبحاثه المتميزة.
وتدرج في السلم الأكاديمي حتى حصل على درجة الأستاذية عام 1972، وشارك في تأسيس أقسام الجيولوجيا في عدد من الجامعات العربية، منها جامعات الملك سعود بالرياض، الكويت، قطر، والملك فهد للبترول والمعادن بالظهران.
كما عمل أستاذًا زائرًا بجامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس، ومديرًا لجامعة الأحقاف باليمن، ومعهد مارك فيلد للدراسات العليا ببريطانيا، ورئيسًا للجنة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.
واختتم مسيرته الأكاديمية أستاذًا بجامعة العلوم الإسلامية العالمية في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية.
إسهامات علمية ودعوية
عرف الدكتور زغلول النجار بإسهاماته في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، حيث قدّم مئات المحاضرات في الجامعات والمؤتمرات الدولية، وكتب عشرات المؤلفات التي تناولت أوجه الإعجاز في خلق الإنسان، والسماء والأرض، والماء، وسائر الظواهر الكونية، بأسلوب علمي رصين.
من أشهر مؤلفاته: “تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم” (أربعة أجزاء)، “من آيات الإعجاز العلمي”، “الإنسان من الميلاد إلى البعث”، “علوم الأرض في الحضارة الإسلامية”، “من أسرار السنة”، “خواطر في معية خاتم الأنبياء والمرسلين”، وغيرها من المؤلفات التي تجاوزت خمسةً وأربعين كتابًا.
كما اشتهر بمقاله الأسبوعي في جريدة الأهرام تحت عنوان «من أسرار القرآن»، الذي استمر في نشره على مدى سنوات طويلة، فضلاً عن برامجه التلفزيونية والإذاعية التي تناولت قضايا الإعجاز العلمي والدفاع عن الإسلام في مواجهة الشبهات الفكرية.
جوائز وتكريمات
نال الراحل العديد من الجوائز والتكريمات من مؤسسات علمية وأكاديمية في مصر والعالم العربي، من بينها جائزة رئيس جمهورية السودان التقديرية ووسام العلوم والآداب والفنون الذهبي عام 2005، إلى جانب جوائز من جامعات عربية وأوروبية تقديرًا لعطائه العلمي والبحثي.
توفي الدكتور زغلول النجار في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية، صباح الأحد 18 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 9 نوفمبر 2025م، بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والدعوي، تاركًا إرثًا فكريًا زاخرًا سيظل علامة مضيئة في تاريخ العلم والدعوة الإسلامية.






